إن إتمام المشيئة الإلهية يستلزم قبولها في الوقت المحدد بحيث ينتفي كل تباطؤ أو تسرع. ويقول الكتاب المقدس: «قد أتت الساعة». لقد كان يسوع ينتظر هذه اللحظة التي تعتبر بكل المقاييس أساسًا للقائنا معه. فأنت على موعد للقاء معه هناك عند الصليب «فتعالَ وانظر». بقدر ما كانت تزداد آلام الرب يسوع بقدر ما كان يثبت أنه شفوق ورحيم. واسمع ما يقوله الوحي: «ابتدأ يحزن ويكتئب». لقد كانت آلامه شديدة من أجلنا، ولقد اختبر كل ما تتعرض له طبيعتنا من هزَّات وهجمات. وهو يحدثك عن أعمق معاني التضحية والبذل هناك في حضن التاريخ إذ يقول: «أنا عطشان»؛ وقد كانت طلبة الغني الوحيدة في الهاوية هي قطرة ماء؛ فبذلك يكون يسوع قد احتمل أقسى ما يواجهه الخاطيء في الهاوية! كل هذا ليطلقك أنت!
والظلام الذي كان على وجه الأرض بكل إيحاءاته ودلالاته مع مواجهة يسوع من أجلك لكل قصاص دينونة الله العادلة في منأى من نظر البشرية الرعناء التي صلبت سيدها ولم تُقَدِّر، في جهلها، ثقل القصاص وهول الألم ودينونة الآب للبشرية في ابنه الحبيب الوحيد. حقًا «ليس لأحد حب أعظم من هذا: أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه!». تعالَ إذن يا أخي بآلامك وأثقالك وأنت أمامه عند الصليب لتنظر أكمل وأعمق شرح لآلام المخلص (الحبيب). فأعظم حب هو أقى حب ممكن لأنه يتطلب عطاء النفس. لذلك فالجلجثة ليست من متطلبات العدل فقط، بل من أساسيات الحب والرحمة! فهل تراه؟ إنه ما زال ينتظرك ويدعوك. فعلى الصليب قد قاصص الله كل أعضائك التي أخطأت فيه؛ فقدما سُمرتا على الصليب ليعطي تحريرًا لرجليك اللتان تذهبان إلى أماكن الخطية تكميلاً لرغبة قلبك الشرير وأنت تعرف ذلك، ويدا مبسوطتان لترحبا بك ولن تُغلقا لأن المحبة والمسامير قد جعلتهما في هذا الوضع... وضع الدعوة والعناق وهما يناديان في هدوء: تعالَ!
رأسه مُنَكَّس ومُتَوَّج بشوك اللعنة ليحمل عنك قصاص أفكارك وتصورات قلبك الشرير، وعيناه اللتان هما «أطهر من أن تنظرا الشر» أغلقهما وفي مشهد رائع تريان الآب والناس يتصالحون وكيان يسوع كله يتحرك نحوهما كموضوعين لحبه في سرور مُفرط، والدم ينزف من جبينه وجنبه ويديه وقدميه ويسيل ببطء مع عرق وهزال شديد في خطوط طويلة وكأنها ضمانات حماية لجميع الذين يؤمنون ويقبلون. فهل تؤمن فتنجو من العذاب والعقاب؟!
تعالَ، لا تؤجل مهما كانت خطاياك، فقد سبق وقال: «من يُقبل إليَّ لا أخرجه خارجًا». وأمام حبك يا يسوع -قُل له في خشوع وخضوع- أقبلك مخلصًا وفاديًا لحياتي وأجعل صورتك تتغلغل في أعماقي مع كل نسمة أتنسمها، وكل نبضة ينبض بها قلبي، لأن الجميع مدعوون للقاء معك قد حددته هناك عند الصليب!
كتبه...... م / سامي غبريال