كان عند القديس بولس البسيط- تلميذ الأنبا انطونيوس الكبير – إلي جانب موهبة إخراج الشياطين – معرفة حالة الشخص داخلياً هل هو طيب و فيه نعمة الله ، أم خاطئ شرير .
و قد حدث يوماً و هو في الكنيسة يحضر القداس مع أخوته الرهبان، أن شاهد رجلاً يدخل الكنيسة و هو في صورة مخيفة بلون اسود، و هيئة كئيبة يرافقه شيطانان عن جانبيه، و ملاكه الحارس يتبعه حزيناً من بعيد.
فصار القديس يبكي بحرارة واضعة رأسه علي الأرض، لأجل ذلك الإنسان المسكين الشرير الشقي.. و استمر علي هذه الحالة طول مدة القداس الإلهي...
فلما انتهي ، و خرج الرهبان ، رفع القديس رأسه و تأمل ذلك الإنسان ، فرآه قد انتقل إلي صورة جميله بهية بملابس بيضاء نقية كاللبن و كان يضيء مشرقاً بوجه بشوش و ملاكه الحارس واقف بجواره متهلل فرح و صار الشيطانان واقفين من بعيد ، ففرح القديس عند ذلك و ابتهج بجدة و لم يمتلك نفسه فأخذ يشكر الله و يمجده علي هذا التغيير السعيد بصوت عظيم قائلاً :
" تبارك اسم الرب يا لمراحمك اللانهائية يا إلهنا المحب للبشر ، هلم فانظروا أعمال الله كم هي عظيمة و رهيبة و عجيبة ، تعالوا و شاهدوا كيف انه تعالي يريد أن جميع الناس يخلصون و إلي معرفة الحق يقبلون ..
هلم نسجد و نركع أمام الرب قائلين أنت وحدك غافر الخطايا
فلما سمع الناس هتافات القديس تراجعوا إلي الكنيسة و سألوا عن سبب هذه التعظيمات و التسبيح فأخبرهم بجميع ما رآه في الحالتين الأولي و الثانية في ذلك الإنسان.. و قال له :
"أرجوك لأجل الرب أن تحكي لنا بالصدق عن حالتيك قبل دخول الكنيسة و بعد.
فأعترف الرجل انه حين دخل إلي الكنيسة كان مرتكباً خطية رديئة منجسة فلما سمع قراءات الكنسية أن الرب يغفر للخاطئ الذي يرجع إليه و يتوب ، شعر في داخل قلبه بندامة شديدة علي خطاياه و اتجه نحو سيدنا و مخلصنا يسوع المسيح معترفاً طالباً الغفران و لو انه غير مستحق للنعمة لأجل شناعة خطاياه ( هكذا قال ) و تعهد منذ ذلك الوقت أن يرفض الخطايا و الآثام و لا يعود إليها
و كل الذين سمعوا هذا الكلام رفعوا أصواتهم و مجدوا الله مع القديس بولس البسيط علي صلاحه و حنانه و جميل غفرانه للتائبين .. B!co