كذبة أوَّل نيسان

قرأت تعليقاً لست واثقاً من مصداقيته نُسِبَ للجنرال الأميريكي تُومِي فرانك قَائِد الحملة العكسرية ضِدَّ العراق سنة 2003؛ قال الجنرال أنه استخدم عميلاً مزدوجاً أميريكياً ليخدع دبلوماسي عراقي بتمرير معلومات حربية كاذبة. هدفها تضليل الرئيس الأسبَق صدام حسين بشأن محاور الهجوم الأميريكي على العراق وكان الأسم السِّريّ للعميل "كذبة نيسان - April Fool).
بالحقيقة من الصَّعب تحديد الأسباب التي أدَّت بِنُشوء كذبة أول نيسان لكن كثيرون يجدونها مُسْلِيَّة وفَشَّة خِلق. وبعضهم يتمادى بها طِوَال اليوم لأنه لا يعتبرها تدخل تحت قائمة حِسَاب العِقَاب الأبَدِي. إنما دعونا ننطلق منها إلى خطيئة الكذب عامَّة. هي أوَّل خطيئة استخدمها الشَّيطان للإيقاع بِحَوَّاء وآدم ثم انفجرت كقنبلة عنقودية لتُفَجِّر خطايا بلا عدد بدءاً من حَسَدِ قَايِين لأخيه هابيل وقتله له وقِسْ على ذلك (تكوين3-4).

لِذَا في خاتمة الكتاب المقدس قال الجالِسُ على العرش، الله، بشأن الكَذَبَة ونصيبهم الأبدي الرَّهيب، "أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ. أَنَا أُعْطِي الْعَطْشَانَ مِنْ يَنْبُوعِ مَاءِ الْحَيَاةِ مَجَّانًا. مَنْ يَغْلِبْ يَرِثْ كُلَّ شَيْءٍ وَأَكُونُ لَهُ إِلهًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا. وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي" (رؤيا6:21).

وبما أن المسيح هو الله الذي ظهر في الجسد (لِفِدَائِنَا لِنَنَالَ بدمهِ مغفرة الخطايا) قال أيضاً، "أَنَا الأَلِفُ وَالْيَاءُ الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ الأَوَّلُ وَالآخِرُ. طُوبَى لِلَّذِينَ يَصْنَعُونَ وَصَايَاهُ لِكَيْ يَكُونَ سُلْطَانُهُمْ عَلَى شَجَرَةِ الْحَيَاةِ وَيَدْخُلُوا مِنَ الأَبْوَابِ إِلَى الْمَدِينَةِ. لأَنَّ خَارِجًا الْكِلاَبَ وَالسَّحَرَةَ وَالزُّنَاةَ وَالْقَتَلَةَ وَعَبَدَةَ الأَوْثَانِ وَكُلَّ مَنْ يُحِبُّ وَيَصْنَعُ كَذِبًا. أَنَا يَسُوعُ أَرْسَلْتُ مَلاَكِي لأَشْهَدَ لَكُمْ بِهذِهِ الأُمُورِ عَنِ الْكَنَائِسِ. أَنَا أَصْلُ [كخالِق] وَذُرِّيَّةُ دَاوُدَ [كمولود]. كَوْكَبُ الصُّبْحِ الْمُنِيرُ" (رؤيا12:22).

بشأن اللِّسَان الكاذِب قالَ الوَّحْيُّ في سِفْرِ الأمثال، "هذِهِ السِّتَّةُ يُبْغِضُهَا الرَّبُّ وَسَبْعَةٌ هِيَ مَكْرُهَةُ نَفْسِهِ. عُيُونٌ مُتَعَالِيَةٌ لِسَانٌ كَاذِبٌ أَيْدٍ سَافِكَةٌ دَمًا بَرِيئًا قَلْبٌ يُنْشِئُ أَفْكَارًا رَدِيئَةً أَرْجُلٌ سَرِيعَةُ الْجَرَيَانِ إِلَى السُّوءِ شَاهِدُ زُورٍ يَفُوهُ بِالأَكَاذِيبِ وَزَارِعُ خُصُومَاتٍ بَيْنَ إِخْوَةٍ" (أمثال 16:6).
وقال بشأن الْمُبْتَهِجِينَ بِالأكَاذِيبِ، "التَّارِكِينَ سُبُلَ الاسْتِقَامَةِ لِلسُّلُوكِ فِي مَسَالِكِ الظُّلْمَةِ الْفَرِحِينَ بِفَعْلِ السُّوءِ الْمُبْتَهِجِينَ بِأَكَاذِيبِ الشَّرِّ الَّذِينَ طُرُقُهُمْ مُعْوَجَّةٌ وَهُمْ مُلْتَوُونَ فِي سُبُلِهِمْ" (أمثال 13:2). وقال بشأن الْتِوَاءَ الْفَمِ، "فَوْقَ كُلِّ تَحَفُّظٍ احْفَظْ قَلْبَكَ لأَنَّ مِنْهُ مَخَارِجَ الْحَيَاةِ. انْزِعْ عَنْكَ الْتِوَاءَ الْفَمِ وَأَبْعِدْ عَنْكَ انْحِرَافَ الشَّفَتَيْنِ. لِتَنْظُرْ عَيْنَاكَ إِلَى قُدَّامِكَ وَأَجْفَانُكَ إِلَى أَمَامِكَ مُسْتَقِيمًا. مَهِّدْ سَبِيلَ رِجْلِكَ فَتَثْبُتَ كُلُّ طُرُقِكَ" (أمثال 23:4).

وقال بشأن خِدَاع الخطيئة التي تُصوِّر لنا الشَّرَّ خيراً، "فَتَقْعُدُ عِنْدَ بَابِ بَيْتِهَا عَلَى كُرْسِيٍّ فِي أَعَالِي الْمَدِينَةِ لِتُنَادِيَ عَابِرِي السَّبِيلِ الْمُقَوِّمِينَ طُرُقَهُمْ مَنْ هُوَ جَاهِلٌ فَلْيَمِلْ إِلَى هُنَا. وَالنَّاقِصُ الْفَهْمِ تَقُولُ لَهُ الْمِيَاهُ الْمَسْرُوقَةُ حُلْوَةٌ وَخُبْزُ الْخُفْيَةِ لَذِيذٌ. وَلاَ يَعْلَمُ أَنَّ الأَخْيِلَةَ [الموتى] هُنَاكَ وَأَنَّ فِي أَعْمَاقِ الْهَاوِيَةِ ضُيُوفَهَا" (أمثال 13:9). أيضاً، "خُبْزُ الْكَذِبِ لَذِيذٌ لِلإِنْسَانِ وَمِنْ بَعْدُ يَمْتَلِئُ فَمُهُ حَصًى" (أمثال 17:20).

وقال بشأن عِقَاب اللِّسَان الكاذب، "فَمُ الصِّدِّيقِ يُنْبِتُ الْحِكْمَةَ أَمَّا لِسَانُ الأَكَاذِيبِ فَيُقْطَعُ" (أمثال 30:10). أيضاً، "شَاهِدُ الزُّورِ لاَ يَتَبَرَّأُ وَالْمُتَكَلِّمُ بِالأَكَاذِيبِ لاَ يَنْجُو... شَاهِدُ الزُّورِ لاَ يَتَبَرَّأُ وَالْمُتَكَلِّمُ بِالأَكَاذِيبِ يَهْلِكُ" (أمثال5:19). وقال بشأن عواقب الصدق والكذب، "مَنْ يَتَفَوَّهْ بِالْحَقِّ يُظْهِرِ الْعَدْلَ وَالشَّاهِدُ الْكَاذِبُ يُظْهِرُ غِشًّا. يُوجَدُ مَنْ يَهْذُرُ مِثْلَ طَعْنِ السَّيْفِ أَمَّا لِسَانُ الْحُكَمَاءِ فَشِفَاءٌ. شَفَةُ الصِّدْقِ تَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ وَلِسَانُ الْكَذِبِ إِنَّمَا هُوَ إِلَى طَرْفَةِ الْعَيْنِ" (أمثال 17:12).
وقال بشأن نتائج المُرَّة لِمُصَادَقَة الكَذَبَة وتصديقهم، "رَجُلُ الأَكَاذِيبِ يُطْلِقُ الْخُصُومَةَ وَالنَّمَّامُ يُفَرِّقُ الأَصْدِقَاءَ. اَلرَّجُلُ الظَّالِمُ يُغْوِي صَاحِبَهُ وَيَسُوقُهُ إِلَى طَرِيق غَيْرِ صَالِحَةٍ. مَنْ يُغَمِّضُ عَيْنَيْهِ لِيُفَكِّرَ فِي الأَكَاذِيبِ وَمَنْ يَعَضُّ شَفَتَيْهِ فَقَدْ أَكْمَلَ شَرًّا" (أمثال 28:16). وقال بشأن انسجام اِلأشرار ببعضهم البعض نتيجة محبتهم للشَّر السَّاكِن فيهم، "الْفَاعِلُ الشَّرَّ يَصْغَى إِلَى شَفَةِ الإِثْمِ وَالْكَاذِبُ يَأْذَنُ لِلِسَانِ فَسَادٍ" (أمثال 4:17).

أما بالنسبة لأبناء الكنيسة الحقيقيين فلا مجال لديهم للدخول بهذه التسليات كقول الوحي، "لِذلِكَ اطْرَحُوا عَنْكُمُ الْكَذِبَ وَتَكَلَّمُوا بِالصِّدْقِ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ قَرِيبِهِ لأَنَّنَا بَعْضَنَا أَعْضَاءُ الْبَعْضِ... وَلاَ تُعْطُوا إِبْلِيسَ مَكَانًا...لاَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحًا لِلْبُنْيَانِ حَسَبَ الْحَاجَةِ كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ. وَلاَ تُحْزِنُوا رُوحَ اللهِ الْقُدُّوسَ الَّذِي بِهِ خُتِمْتُمْ لِيَوْمِ الْفِدَاءِ" (أفَسُسْ 25:4). وقال، "لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ قَبْلاً ظُلْمَةً وَأَمَّا الآنَ فَنُورٌ فِي الرَّبِّ. اسْلُكُوا كَأَوْلاَدِ نُورٍ... وَلاَ تَشْتَرِكُوا فِي أَعْمَالِ الظُّلْمَةِ غَيْرِ الْمُثْمِرَةِ بَلْ بِالْحَرِيِّ وَبِّخُوهَا" (أفَسُسْ 8:5).
بالنهاية نختصر الأمر بما قالهُ الرَّب يسوع في موعظة الجبل، "ليكُن كلامكم نعم نعم لا لا. وكل ما زادَ على ذلك فهو من الشِّرير" (متَّى37:5). فَطُوبَى لمن يسمع ويعمل بها لأنه مكتوبٌ، "البِرُّ يَرْفَعُ شَأْنَ الأُمَّةِ وَعَارُ الشُّعُوبِ الْخَطِيَّةُ" (أمثال 34:14).

*** نُصَلِّي، "أيُّها الرَّب يسوع يا مَنْ كُتِبَ عنك أنك لم تفعل خطيئة ولم يكن في فمك مَكْرٌ ارحمني واغفر خطاياي بِدَمِكَ، دمَ الفِدَاء، واملأنِي بِرُوحِكَ الطَّاهِر لأتَقَدَّس وأنال بِكَ الحياة الأبدية المجيدة". وأخيراً أُهْدِي للآبِ والابنِ والرُّوح القُدُس الإلهُ الوَاحِدُ المُثَلَّث الأَقَانِيم الإكرام والسُّجُود والتَّعَبُّد الآنَ وإلى أَبَدِ الآبِدِينَ، آمين.



منقول عن:
راعي كنيسة غيلفورد العربية المعمدانية/سِيدْنِي.
القس جُون نَمُّور